روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | ملاك الإيمان وزينة الإنسان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > ملاك الإيمان وزينة الإنسان


  ملاك الإيمان وزينة الإنسان
     عدد مرات المشاهدة: 2753        عدد مرات الإرسال: 0

إن خير ما يفعل المسلم الصادق أمام كل إبتلاء الوقوف موقف الصبر والإحتساب بما قضى الله تعالى، فإن الصبر كما قال بعض العلماء ملاك الإيمان، وزينة الإنسان، وطريقه إلى المعالي والمكرمات، إليه يسكن وبه يطمئن، وفي ساحته يستقر ويستريح، وهو مقام عظيم من مقامات الدين، أشاد القرآن بذكره، ورتَّب عليه الثواب الجزيل، وضاعف لأهله الحسنات، ليحببه إلى القلوب، ويرغِّب فيه النفوس، فما من فضيلة إلا وهو دعامتها، فإن كان صبرًا على الشهوات، سُمِّي عفة، وإن كان على إحتمال مكروه، كان رضى وتسليمًا، وإن كان على النعمة وشكرها كان ضبطًا للنفس وحكمة، وإن كان في قتال سمي شجاعة وقوة، وإن كان بين يدي حماقة وسفه، سُمِّي حلمًا، وإن كان بكتمان سر، سُمِّي صاحبه كتومًا أمينا، وإن كان عن فضول العيش أو الحديث، سُمِّي زهدًا، فالمرء بدونه في الحياة عاجز ضعيف لا طاقة له بما قد يثقله، ولا حول له ولا قوة بين يدي أمر يشق عليه.

ففي الوقوف أمام الإبتلاء موقفَ الصبر خيرٌ عظيم إختُصَّ به المؤمنُ دون غيره كما جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له»، وفي الحديث أيضًا: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط، فله السخط».

وإن المعين الباعث على هذا التصبر كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ملاحظة حسن الجزاء فإنه على حسب ملاحظته والوقوف به ومطالعته يخفُ حمل البلاء لشهود العوض، وهذا كما يخف على كل من يتحمل مشقة عظيمة حملها لما يلاحظ من لذة عاقبتها وظفره بها، ولولا ذلك، لتعطلت مصالح الدنيا والآخرة، وما أقدم أحد على تحمل مشقة عاجلة لثمرة مؤجلة فالنفس موكلة بحب العاجل.

وإن مما يعزي النفوس عند نزول الشدائد، ويصرف عنها موجة الألم لفواجعها ونكباتها الأملَ في فرج الله القريب، والثقة في رحمته وعدله إذ هو سبحانه أرحم الراحمين، ومن رحمته لعباده أنه لا يتابع عليهم الشدائدَ، ولا يكرههم بكثرة النوائب، بل يعقب الشدة بالسعة والرخاء، والإبتلاء بالرحمة وسابغ النعماء، كما قال عز وجل: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا*إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:5-6]، فقد تكرر اليسر بعد العسر مرتين، ولن يغلب عسرٌ يسرين، وحيثما وجد العسر على تنوع ألوانه وإختلاف دروبه، وجد إلى جانبه يسرٌ يُنفث الكربة ويجبر القلب، ويواسي الجراح وينسي الآلام، ويُذهب الأحزان خاصة حين يلجأ المؤمن في شدته وبلائه إلى ربه، ويسأله أن يبدله من بعد شدته رخاءً، ومن مجالب أحزانه وبواعث همه فرجًا ويسرًا، كما جاء في الحديث: «ما أصاب عبدًا همٌ ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ماضٍ فيَّ حكمك عدلٌ في قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو إستأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآنَ ربيعَ قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه، وأبدله مكانه فرحا» أخرجه الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح.

فإتقوا الله وحذارِ من اليأس من رَوْح الله، وإستيقنوا بالفرج القريب من الله الرحيم الرحمن، فما الشدائد والإبتلاءات والمحن إلا خطوةٌ على الطريق إلى تحسين الأحوال، وقفزةٌ إلى رخي العيش وبلوغ الآمال، مع ما فيها من تمحيص وتكفير للسيئات، ورفع للدرجات إن شاء الله، وإذكروا على الدوام قول الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:5]، وقوله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10].

الكاتب: أسامة خياط.

المصدر: شبكة مسلمات.